شيخ القنديل عضو مميز
عدد المساهمات : 97 نقاط : 10496 السٌّمعَة : 14 تاريخ التسجيل : 17/12/2010
| موضوع: شرح القصيدة الخمرية للشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سرَّه السبت ديسمبر 18, 2010 6:38 am | |
| شرح القصيدة الخمرية للشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سرَّه
شرح قصيدة (سَقَانِي الحُبُّ) للشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سرَّه بسم الله الرحمن الرحيم من أعظم ما يتميز به أهل الحق عن أهل الباطل هو بالإيمان وقوته وحقيقته وثمرته فالمنافقون مكبّلون بالدنيا وأهوائها متكبرون هالكون بالعبودية لها مسلوبون باطناً وإذا تليت عليهم آيات الله وإذا أمطرت عليهم رحمات الله ونعمه لا يشعرون بشيء وينسون فضل الله وإذا وقفوا بين يديه وقفوا غافلين متململين عاجزين لا تبصر قلوبهم وعقولهم . في حين ترى المؤمنين الكاملين في ظل رحمة الله ورأفته يشاهدون أنوار آيات الله وتوحيده في كل شيء ويتلذذون ويتحدثون بنعمه ويقرون بفضله وتحن أرواحهم بالشوق إلى لقائه وتمتلئ قلوبهم بحبه حتى أنهم لو أقسموا عليه لأبرهم وخرق لهم العوائد ونبههم قبل أن يصيبهم أي مكروه وأجرى على أيديهم الكرامات وإذا وقفوا بين يديه وقفوا مقبلين متعلقين مشتاقين وتقر أعينهم بلذيذ الخطاب وتدهش عقولهم وأرواحهم من عظمة الجلال وتتحرق قلوبهم بأنوار الجمال . يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره (أي اللهم طيب قلبه بأنوار التوحيد) متكلماً بلغة الحب التي لا يمكن أن يفهم قصده بها إلا من ذاق لوعة الحب الصادق وتحرق قلبه بأنوار الجمال وحنت روحه وتعلقت بالكمال : ((سَقَانِي الحُبُّ كاساتِ الوِصَال فقُلتُ لخمرَتِي نَحوِي تَعَالي)) ((سَعَت ومَشَت لِنحوِي فِي كؤوسٍ فهِمتُ بِسَكرَتِي بينَ المَوالِي)) ((وقلتُ لسَائرِ الأقطابِ لُمُّوا بِحَالِي وَادخُلوا أنتُم رِجالي)) ((وهِيمُوا واشرَبُوا أنتُم جُنودِي فسَاقِي القَومِ بِالوَافِي مَلا لِي)) ((شربتُم فضلَتِي مِن بَعدِ سُكرِي وَلا نِلتُم عُلُوِّي واتِّصَالِي)) ((مقامُكُم العُلا جمعاً ولَكن مقامِي فَوقَكم مَازَالَ عَالِي)) (( أنا فِي حَضرةِ التقرِيبِ وَحدِي يُصرِّفُنِي وحَسبي ذُو الجَلالِ)) (( أنا البازِيُّ أشهبُ كلِّ شيخٍ ومَن ذَا فِي الرِّجالِ أُعطِي مِثَالِي)) (( دَرَستُ العِلمَ حَتَّى صِرتُ قُطبَاً وَنِلتُ السَّعدَ مِن مَولَى المَوَالِي )) (( كَسَانِي خِلعَةً بِطِرازِ عِزمٍ وتَوَّجَنِي بِتِيجَانِ الكَمَالِ )) (( وأطلَعَنِي عَلى سِرٍّ قَدِيمٍ وقَلَّدَنِي وَأعطَانِي سُؤَالِي )) (( طبولي فِي السَّمَا والأرضِ دُقَّت وشَاؤوسُ السَّعَادةِ قَد بَدَا لِي )) (( أنَا الحَسَنِيُّ والمخدَع مَقَامِي وأقدَامِي عَلى عُنُقِ الرِّجَالِ)) ((وَوَلَّانِي عَلَى الأقطَابِ جَمعَاً فَحُكمِي نَافِذٌ فِي كُلِّ حَالٍ)) (( نظرتُ إلى بِلادِ اللهِ جمعاً كَخَردَلَةٍ عَلى حُكمِ اتِّصَالِ )) (( فلَو أَلقَيتُ سِرِّي فوقَ نارٍ لَخَمِدَت وانطَفَت مِن سِرِّ حَالِي )) (( وَلو ألقيتُ سِرِّي فَوقَ ميْتٍ لقَامَ بِقُدرَةِ المَولَى مَشَا لِي )) ((ولَو ألقيتُ سِرِّي فِي جبِالٍ لدُكَّت واختَفَت بينَ الرِّمَالِ)) ((ولَو ألقيتُ سِرِّي فِي بِحَارٍ لصارَ الكلُّ غَورَاً فِي الزَّوَالِ)) (( وما مِنهَا شُهورٌ أو دُهُورٌ تَمرُّ وتَنقَضِي إلا أَتَى لِي )) ((وتُخبِرُنِي بِمَا يَأتِي ويَجرِي وتُعلِمُنِي فَأقصُر عَن جِدَالِي )) (( بلادُ الله مُلكِي تَحتَ حُكمِي وَوَقتِي قَبلَ قَلبِي قَد صَفَا لِي )) (( مريدي لا تَخَف وَاشٍ فإنِّي عزومٌ قَاتلٌ عِندَ القِتَالِ )) (( مُريدِي لا تَخَف اللهُ ربِّي عَطَانِي رِفعَةً نِلتُ المَعَالِي )) (( مُريدي هِم وطِبْ واشطَحْ وغَنِّي وَافعَـل مَا تَشَـا فَالاســُم عَالِــي)) (( وكُلُّ وليٍّ لهُ قَدَمٌ وإنِّيعَلى قَدَمِ النَّبِي بَدرِ الكَمَالِ )) (( أنا الجِيليُّ مُحيي الدِّينِ اسمِي وأعلامِي عَلَى رَأسِ الجِبَالِ )) )) وَعبدُ القَادِرِ المَشهورُ اسمِي وجَدِّي صَاحِبُ العَينِ الكَمَالِ )) وهذا رابط القصيدة باللغتين العربية والإنكليزية ويوجد عدة ألفاظ قريبة من بعضها http://www.scribd.com/doc/11086450/Qasidah-alGhawthiyya- هذه القصيدة في الشعر الرمزي وهو من أجمل أساليب العرب في التعبير عن مكنونات الضمائر مع وضع رمز لكل شيء متعارف عليه عند أهل الذوق والشأن والاختصاص فيُرجع إليهم في فهمه وتفسيره وإذا عرف السبب بطل العجب ولا مشاحة في الاصطلاح . يتكلم الإمام الشاعر في هذه القصيدة في مقام الحب الصادق الذي ببركته تحيا القلوب والأرواح فيقول مخاطباً الحب وخمرته الطاهرة وكؤوسه الزاهرة ((سَقانِي الحُبُّ كاساتِ الوصال فقلتُ لخمرتِي نحوي تعَالي)) بأنه شرِبَ من مَعينِ حبِّ الله ونعمته والشوق إلى لقائه كؤوساً صافيةً نقيةً زكية كانت سبباً للوصل والقرب والتعلق برضا الله ويشبه هذه الكؤوس (بالخمرة الطاهرة) التي هي استعارة ورمزٌ لأنها تأخذ بالعقل من حب الدنيا وشهواتها الرخيصة إلى حب الله والشوق إلى لقاه ويقول عن شراب المحبة وكؤوسها التي سارت قِبلهُ بأنها : (( سعت ومشت لنحوي في كؤوس فهمت بسكرتي بين الموالي )) و بسبب شربي من تلك الكؤوس اشتعل في سرِّ قلبي الهيام الذي سلب عقلي وزج بي في حضرة الذاكرين الموالي لله رب العالمين . ثم من عظيم سعادتي وسروري وتلذذي بنعمة الذكر والشوق ناديت سائر الأقطاب (والمقصود كبار تلامذته العارفين والصالحين) قائلاً لهم اجتمعوا معي بمجلس الشراب الطاهر فأنتم الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأنتم الذين أمرت بدلالتهم على الله ((وقلتُ لسائرِ الأقطابِ لمُّوا * بِحانِي وادخُلوا أنتُم رِجَالِي )) ((وهِيمُوا واشربُوا أنتُم جُنُودِي * فَسَاقِي القَومِ بالوَافِي مَلا لِي )) وأشربوا من شراب الحب ما شئتم وأجعلوا عيونكم تقرُّ بالتلذذ بنعيم الوصال ولست بمانعٍ لكم لأن قاضي الحب قد منَّ ، فشراب المحبة عندي كثير وكؤوسي ملآنةٌ ولأنكم أنتم الذين أمرت بهديهم وإكرامهم بما أكرمني الله ، والله بنعمته وفضله أحياني بحبه والشوق إليه . ((شربتُم فضلَتِي مِن بَعدِ سُكرِي*وَلا نِلتُم عُلُوِّي واتِّصَالِي)) هو خطاب المعلم لتلامذته بأن ما علمهم ابتداءً من علوم الحب وما ذاقوه ما هو إلا شيء يسير مما أكرمه الله ولم ينالوا إلا الشيء اليسير بعد من علو المقام وحلاوة الوصال الذي أشكر ربي فهو الذي منَّ عليَّ به بفضله ونعَّمني بحلاوة الاتصال والقرب ثم قال ((مقامُكُم العُلا جمعاً ولَكن*مقامِي فَوقَكم مَازَالَ عَالِي)) لكنني أشهد أن ما غرفتموه معي من معين حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو منزلة ومقامٌ عالٍ لكنكم مازلتم في منتصف الطريق وما زال هنا من العلوم السامية العالية التي أكرمني الله إياها لم تسبروا غورها ولم تدركوا ذروتها فلا تغترّوا ولا تكلوا ولا تملوا من الثبات على طلب العلم والمعرفة بالله رب العالمين ، وهذا أسلوب من أساليب تشجيع السَّالكين وحثهم . ثم يقول (( أنا فِي حَضرةِ التقرِيبِ وَحدِي * يُصرفنِي وحَسبي ذُو الجَلالِ)) حتى أنه من عظيم عطاء الله ورحمته لي أنه يتجلى على عباده وكل عبدٍ يختصه وحده بنعم التقريب ويصرِّفه بعجائب تجلياته الجمالية دون ترجمان وكذلك قدّر الله لي وصرَّفني بين القبض والبسط والعطاء والمنع و غيرها وهو وحده حسبي وعوني وكفاني بحبيبي ذو الجلال والجمال والكمال(( أنا البازِيُّ أشهبُ كلِّ شيخٍ * ومَن ذَا فِي الرِّجالِ أُعطِي مِثَالِي)) ثم يتحدث بفضل الله قائلاً أنا البازي أشهب وهو من ألقابه الشهيرة التي لقبه إياها العلماء ويخاطب تلامذته الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله قائلاً من ذا الذي منكم أعطي وعنده مِثَالُ ما ذكرتُ وأكرمني الله به من فضله وحبه ووراثة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وفهم علوم قرآنه وإدراك حديث نبيه صلى الله عليه سلم . فقال أُعطي مثالي ليُعلِم أنه لم يؤت شيئاً من عند نفسه وأن ما هذا إلا فضل الله وعطاؤه ونعمه التي يعددها ويذكرها ويتحدث بها زيادة في الشكر لمعطيها ورازقها ربنا تبارك وتعالى . ومن هذه النعم التي تفضل بها المولى إكرام الله للشيخ بطلب العلم حتى غدا بفضله من أقطاب علماء المسلمين أي (كبارهم) وشيخ الخلافة لعباسية الأكبر وكان يقرأ كل يوم 13 عشر درساً ويحضر مجلسه كبار العلماء والقراء وزهاء 70 ألفاً منهم وأحيى فِقه الإمام أحمد بن حنبل بعدما كاد أن يندرسَ لقلةِ سالكيهِ . ثم قال أيضاً عن فضائل الله عليه (( كَسَانِي خِلعَةً بِطِرازِ عِزٍّ*وتَوَّجَنِي بِتِيجَانِ الكَمَالِ )) أي أنَّ اللهَ ألبَسَنِي ثَوبَ العِزِّ والرُّتبَةِ والمنزِلَةِ الحَسَنَةِ بَينَ النَّاسِ وتوَّج كل ذلك بتاج توفيقه لي لاتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو عين الكمال (( وأطلَعَنِي عَلى سِرٍّ قَدِيمٍ*وقَلَّدَنِي وَأعطَانِي سُؤَالِي )) وأفهمني الأمانة التي حمَّلها للإنسان منذ زمن بعيد وعلمني ويسر لي فهم كتابه وهديه وإدراكه على معانٍ وفهم عظيمٍ لأسرار القرآن العظيمة القديمة ، وهي سرٌّ على الناس ولأنه لا يعقلها إلا المقرَّبون والعارفون والراسخون في العلم . والتي لو أنزلت على جبل لرأيته خاشعاً ولو بدا كشف سرِّها لصمِّ الجبال الراسيات لدكَّتِ وتصدَّعت ولكن أكثرَ الناس لا يعلمونها حتى غدت سراً محجوباً عن قلوبهم وإن ربّي تفضل عليَّ وأعطاني سؤالي حتى أني لو أقسمت عليه لأبرّني (( طبولٌ فِي السَّمَا والأرضِ دُقَّت*وشَاؤوسُ السَّعَادةِ قَد بَدَا لِي )) أي بشائر الكرم والعطاء والثناء دقت حولي وبراهين السعادة وحقائها قد تجلت لي ظاهرةً للعَيَان فأنا بفضل الله من أبناء الحسن رضي الله عنه والمخدع هو منزلتي ومقامي ووراثتي وقدمي على أثر قدم النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذه الرتبة والاتباع الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم هي التي حملها الرجال الصالحون على أعناقهم على مدار الزمان وبذلوا لها النفس والروح أنَا الحَسَنِيُّ والمخدَع مَقَامِي*وأقدَامِي عَلى عُنُقِ الرِّجَالِ ومن فضل الله علي أن جعلني مسلماً وارثاً لعلوم النبي صلى الله علي وسلم وخليفة وولياً على أمور المسلمين وكبار علمائهم الربانيين (وولاني على الأقطاب جمعاً) ولاية العلم والحال والأدب والفتوى التي تعتمد وتصدق ويرجع إليها في القضاء والأحكام (فحكمي نافذ في كل حال) وإن كل نعيم الدنيا وما فيها لا يساوي عندي قدر خردلة ولا ذرَّةٍ أمام عظيم فضل الله ووصله لي بالحب والقرب والشوق إلى لقائه والتعلق برضاه لأن ذلك هو خيرٌ من الدنيا وما فيها وببركته يستجاب الدعاء وتخرق العادات ويحيط الله عبده بالكرامات الباهرات (( نظرتُ إلى بِلادِ اللهِ جمعاً * كَخَردَلَةٍ عَلى حُكمِ اتِّصَالِ )) وقد تواترت كرامات الشيخ عبد القادر الجيلاني حتى أن كثير من علماء التراجم ومنهم الإمام الذهبي ذكر قريب أربعين صفحةً عن ترجمة الشيخ وكراماته وقال ما تواتر عن أحد من العلماء كما تواترت كرامات الشيخ عبد القادر الجيلاني اللهم ارض عنه . فيتكلم الشيخ عن فضل الله عليه ببركة سر حبه لله الذي ملأ عقله وقلبه وروحه وسر فهمه وعلمه وتذوُّقه لعظمة معاني أحدية الله وعظيم قوة قيوميته ومدده وجملاله وإجابته لأحبابه لو أقسموا عليهفهذا السر تطفئ ببركته نار الحجاب المحرقة وتكون بإذن الله وإجابته برداً وسلاماً ووصلاً وحتى لو قُصد بها النار الحقيقية فكرامات الولي بدار دنيا لها كونٌ فهم أهل النوالِ (( فلَو أَلقَيتُ سِرِّي فوقَ نارٍ * لَخَمِدَت وانطَفَت مِن سِرِّ حَالِي )) وكذلِكَ مِن هذهِ المكرمات أن هذا النور لو ألقي فوق ميْتٍ للقلب أو مريض الجسد لقام وأتاني سعياً بإذن الله معافى مِن دائِهِ (( وَلو ألقيتُ سِرِّي فَوقَ ميْتٍ * لقَامَ بِقُدرَةِ المَولَى مَشَا لِي )) وكذلك لو ألقي على الجبال كما شرحنا لاحقاً أن هذا النور (نور الحب الإلهي وأنور الأحدية وفهم أنوار القرآن وحقائقه التي لا يعقلها إلا المتفكرون المستبصرون ) لو نزل على جبل لخشع وتصدع ودكَّ واختفى بين الرمال ولو نزل على بحر لتبخر وتبدد في كل جانبٍ ((ولَو ألقيتُ سِرِّي فِي جبِالٍ * لدُكَّت واختَفَت بينَ الرِّمَالِ)) ((ولَو ألقيتُ سِرِّي فِي بِحَارٍ * لصارَ الكلُّ غَورَاً فِي الزَّوَالِ)) ثم يخبرنا الشيخ عن إحدى أشهر الكرامات التي يكرم بها الكثير من عباد الله الصالحين لكن بتفاوت في درجتها فيما بينهم وهو تنبيه الله الدئم لأحبابه المُحدَّثِينَ المُلهَمينَ وعنايتهِ بهم وكشفه لأعدائهم فلا يكادُ يحدثُ معهم أمرٌ ذو بالٍ إلا وأتتهم إشارة عنه ولو في منامهم قبل حدوثه وهي جزء من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة وكثير من طلاب العلم يحدث معهم ذلك دائماً بلا انقطاع لكن الدرجات تتفاوت وإن تحقيقها يعتمد على صدق صاحبها ودرجته عند الله (( وما مِنهَا شُهورٌ أو دُهُورٌ * تَمرُّ وتَنقَضِي إلا أَتَى لِي )) ((وتُخبِرُنِي بِمَا يَأتِي ويَجرِي * وتُعلِمُنِي فَأقصُر عَن جِدَالِي )) وهذا حقيقةُ العلم العطائي الإضافي الذي يكرم الله به جميع من أحبَّ من العلماء العاملين سواءٌ كان من كرامة الكشف الصحيح الموافق للقرآن والحديث أو نور الفراسة ونور الهداية والحفظ والتوفيق لحسن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم أو كان الرؤية الصالحة وغيرها وبما أن الأرض حقيقة هي ملكٌ عطائيٌّ لعباد الله المسلمين الصالحين وهم الخلفاء والنُّواب الموكلون بحكمها وسياستها وإعمارها فالأرض ليست ملكاً للكافرين والغافلين وإن كانت تحت حكم بعضهم حقيقةً لأنهم محجوبون بها عن الله أم الصالحون فهم مُلاكها حقيقة وهم الخلفاءُ الراشدون صدقاً وحكمهم فيها هو الحكم الصحيح المقبول عند الله رب العالمين لأنه يطابق هديه وحكمه على عباده فلا حاكم في الحقيقة إلا الله وإلا وفق أمر الله والأرض تحت حكم كل من يحكم بأمر الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحون هم الذين ينتفعون ويستفيدون من كل شيء فيها (( بلادُ الله مُلكِي تَحتَ حُكمِي * وَوَقتِي قَبلَ قَلبِي قَد صَفَا لِي )) والله قضى وقدر بفضله وكرمه ومنته عليَّ بصفاء القلب بالإيمان والقالب باتباع شرعه ظاهراً قبل أن أخلق وقبل أن يصدر عنِّي أي شيء لكي لا ينسى أحد من هو صاحب الفضل حقيقةً فالفضل لله وحده . ثم يخاطب الشيخ تلاميذه النجباء الصادقين قائلاً (( مريدي لا تَخَف وَاشٍ فإنِّي * عزومٌ قَاتلٌ عِندَ القِتَالِ )) أيها المريد المخلص لله لا يهمك الحسدة والمرجفون والمفسدون المستهزؤون ولا تلتفت إليهم وأنت عندي بمنزلة الابن الغالي فلا يترك الوالد ابنه بل يحميه بقوة لا إله إلا الله ويدعو له أن يتجلى عليه الله بالجمال وأن يقصم أعداءه ويقتل ويمحوَ باطلهم بقوة أنوار وعزة الجلال (( مُريدِي لا تَخَف اللهُ ربِّي * عَطَانِي رِفعَةً نِلتُ المَعَالِي )) فلا تخف أيها المريد الصادق والتلميذ النجيب المسلِّم لأستاذه ما دام لا يأمره إلا برضا الله ولا تخف ولا تتحير من المحن والحجاب والخطوب والفتن فالله هو وحده حسبنا وطريقه حقٌّ وعطاؤه لنا باتباع حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم هو عين الرفعة والرتب العوالي (( مُريدي هِم وطِبْ واشطَحْ وغَنِّي * وَافعَـل مَا تَشَـا فَالاســُم عَالِــي)) أي يا تلميذي النجيب هِم بحب الله وطب نفساً به وبذكره واتباعِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم وآنس روحك بالتغنِّي بذكر جماله وكماله والفرح بفضله ونعمته (واشطح) شطح الأولياء بالتعبير عن حبك لله بصادق الألفاظ (وليس شطح الزنادقة الكاذبين) وافعل ما تشاءُ بما يوافق شرع الله ولا تخف من شيء ما دمت متبعاً بفعلك لما عَلَّمتهُ لك من هديِ النبيِّ المصطفى صلى الله عليهِ وسلَّم الذي هو ذو قوة عند ذي العرش مكين و مرفوعٌ ذكرهُ عالٍ مقامه ومقام من تبعهُ وورَّاثه من العلماء فوق رؤوس الأشهاد في الدنيا والآخرة . ثم يختم الشيخ أن كل العلماءِ لهم قدم صدق عند ربهم وقدم وراثةٍ واتباعٍ وأنا كذلك دأبي وهمِّي ودعوتي هي اتباع النبيِّ بدر الكمالِ صلَّى الله عليه وسلّم (( وكُلُّ وليٍّ لهُ قَدَمٌ وإنِّي* عَلى قَدَمِ النَّبِي بَدرِ الكَمَالِ )) ثم يعرِّف الشيخ عن نفسه ويوقع توقيع الختام بقولهِ أنا الجيليُّ مولداً واسمي محيي الدين وعلمي ورايتي هي لا إله إلا الله أرفعها عاليةً فوق قمم الجبال (( أنا الجِيليُّ مُحيي الدِّينِ اسمِي * وأعلامِي عَلَى رَأسِ الجِبَالِ )) واسمي المشهور هو عبد القادر وجدي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الجمال والكمال )) وَعبدُ القَادِرِ المَشهورُ اسمِي * وجَدِّي صَاحِبُ العَينِ الكَمَالِ )) اللهم أطعمنا من طعام قربك واسقنا من شراب أنسك واجعل غذاءنا ذكرك وغنانا قربك وصلى الله على سيدنا محمد و( أي اللهم صلِّ على سيدنا محمد) وعلى آله وصحبه وسلم ملاحظة : كتبت شرحاً تقريبياً لبعض المقاصد لكي نذب عن أهل الله فهوم الجاهلين العاطلين في آخر الزمان ولكي لا يتعجل السادة طلاب العلم بالحكم على أبسط العبارات بأنها مدسوسة وخصوصاً أني أعلم لها عدة روايات بعدة مخطوطات لكن ربما يكون هناك تغيير يسير في بعض الألفاظ وأوزان الشعر ونقلتها على عجالة وإنشاء الله إن يسَّر الله نشرح كل بيت بعشرة وجوه من المحامل الحسنة مع ذكر مئات الآيات والأحاديث الثابتة التي تبين كلَّ كلمة وتوضح كثير من المعاني المقصودة بمحكم المراد وحقائق ومنزلة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم وورَّاثه رضوان الله عليهم . | |
|