جماليات الخطاب النبوي
عبدالله عمر خياط
.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أدبني ربي فأحسن تأديبي»، وفيما روى البخاري ومسلم أنه عليه الصلاة والسلام قال : «بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي» .
وفي مؤلف من جزءين أعدته الدكتورة أناهيد عبد الحميد حريري وأصدرته بعنوان «جمال الخطاب النبوي في صحيح مسلم دراسة أدبية دلالية»..
تفصيل لروائع ما في الخطاب النبوي من جماليات لا تضاهى وذلك ما توضحه الدكتورة أناهيد بقولها في المقدمة : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، والصلاة والسلام على نبيه محمد أفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله وأصحابه أفصح آل، وأبلغ أصحاب، وسلم تسليما كثيرا، وبعد : فالحديث النبوي يعد المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، حيث كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل يمده بالسنة التي تفسر ذلك، فكل ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير مصدره الوحي، قال تعالى : (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
وقد كان صلى الله عليه وسلم صاحب فصاحة وبلاغة، بل هو أفصح العرب بلا منازع، كيف لا ؟ وهو من قريش وتربى في بني سعد، ونزل عليه الكتاب العزيز الذي أعجز الثقلين من الإنس والجن، ولعل ما أوتيه صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم وفصل الخطاب، حتى جاء في صفة كلامه صلى الله عليه وسلم قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : «كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما فصلا يفهمه كل من سمعه».
وقد كان أسلوب الخطاب من أبرز الأساليب النبوية المستخدمة في توجيه الدعوة، وتقويم المجتمع، إذ كان الخطاب ــ ولا يزال ــ الأسلوب الأمثل في التأثير على المخاطبين أو المتلقين طالما اعتمد على الإقناع المنطقي، والتحفيز النفسي، والتوجيه الديني.. إلخ، مع اعتماده على الوسائل اللغوية المطلوبة في التأثير ــ على تعددها ــ كل منها في سياقها المناسب للموضوع المطروح، وقد التفت القدماء إلى أهمية الخطاب وتأثيراته في شتى المجالات، وكانت تأثيرات الخطاب القرآني والنبوي من أبرز التأثيرات، وأعظمها أثرا حتى لقد تحول المجتمع الجاهلي إلى مجتمع مختلف، وعمت تأثيراته العالم بأسره، ليسطع نور الحق والخير والعدل على الإنسانية جمعاء متى ما أصغت بوعي لذلك الخطاب الرباني، وتخلت عن آفتي الكبر والعناد، والتفتت إليه بحيدة وموضوعية صرفة، كما فعل الرعيل الأول من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ومن ــ هنا ــ جاء اختياري لموضوع هذه الدراسة بعنوان : (جماليات الخطاب النبوي في فضائل الأنبياء والصحابة في صحيح مسلم ــ دراسة أدبية دلالية).
ويختص هذا البحث بدراسة الخطاب النبوي وما امتاز به من وسائل لغوية وجماليات أدبية جعلته يتربع على قمة الأساليب البشرية، وذلك من خلال الأحاديث الواردة في فضائل الأنبياء ومناقبهم، ومنهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا مناقب الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في صحيح مسلم، حتى يجتمع في هذه الدراسة الوقوف على ما في كلامه صلى الله عليه وسلم من الجمال والبيان، والوقوف على فضائل الأنبياء عليهم السلام، الذين اختصهم الله تعالى بحمل أمانة التبليغ عنه، وكذا فضائل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم، ذلك الرعيل الأول الذي جاهد في الله حق الجهاد، مع ملاحظة تأثير الخطاب النبوي في توجيه النفس الإنسانية من خلال نماذج بشرية رفيعة من الأنبياء عليهم السلام، والصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
وإلى الغد إن شاء الله لنقف على الأسباب التي كانت وراء اختيار هذا الموضوع الجليل.