السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
نواصل بحث التصور التقليدي للجن, و الذي لا يرتكز على أساس من الحق مطلقا.و القرآن الكريم بريء كل البراءة من هذا التصور السطحي الخرافي الذي أساس للإسلام الحنيف.و جعله في نظر غير المسلمين دين خرافات و سخافات.
و رأينا أن نقاطا كثيرة من التصور البالي لجن قد انهارت بفضل الله تعالى, و بفضل الجماعة الإسلامية الأحمدية التي جاءت لتنقية عقائد المسلمين من الشرك و من التخاريف.
نواصل بحث هذا التصور المتهاوي, و نسأل : هل كان نبي الله سليمان عليه السلام يتعامل مع الجن الأشباح و مع الشياطين.
الحق أن هذا التصور السطحي يتعارض يقيتا مع كتاب الله المجيد القرآن الحكيم. إذ يكفي أن يقرأ المسلم الواعي , و غير المسلم أيضا, قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة168.
ينهانا الله تعالى حتى عن اتباع خطوات الشيطان. نحن كمسلمين عاديين.
فهل يمكن أن نصدق أن نبيا كريما , كان يخالف أوامر الله تعالى و نواهيه.و يتبع خظوات الشياطين.بل يتعامل معهم ؟.
الحق أنه تصور عبثي مسيء لأنبياء الله تعالى.و لا يمكن أن يكون هذا الفهم صحيحا لتعارضه مع كتاب الله المجيد.
و لكي يفهم الإنسان حقيقة هؤلاء الجن و الشياطين الذين كان نبي الله سليمان يستخدمهم و يتعامل معهم, يكفي أن نلقي نظرة تأملية في كتاب الله تعالى.لنرى خطاب سليمان عليه السلام.هل كان يتوجه للجن الأشباح و للشياطين و للطير و للوحوش بالخطاب؟.
يقول الله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ }النمل16.
ها هو خطاب سيدنا سليمان عليه السلام, يخص الناس و فقط.(( يا أيها الناس)).
و لا يجد القارئ في كتاب الله خطابا من سليمان للأشباح أو للشياطين أو للوحوش و الطيور غير العاقلة.
نواصل البحث لنرى أن هؤلاء الشياطين و الجن الذين كانوا يعملون تحت إمرة سليمان عليه السلام, كانوا أصحاب حرف و مهن مفيدة منتجة.
يقول الله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13.
و يرى القارئ الواعي أن هؤلاء الجن, يعملون له.أي يعملون لسليمان عليه السلام.
أي أنهم مكلفون بإنتاج أشياء مادية فيها منافع للناس.و يسلمون إنتاجهم لسليمان عليه السلام. و لا بد أنهم كان يراهم و يراقب أعمالهم, إما بنفسه أو بواسطة من يدير أعماله. و يدفع لهم أجور عملهم أيضا.
لكن لنسأل: هل الجن الشبحي اليوم ينتج أشياء مثل التي كان ينتجها لسليمان؟.
هل يصنع الجن اليوم ما يأكلون و يشربون و كل متطلبات الحياة؟.
و الجواب بسيط جدا .لا يشك فيه إلا من ألف التخاريف السخيفة.
نواصل البحث , لنرى أن هؤلاء الشياطين كانوا حرفيين مهرة, و لذلك وصفهم الله تعالى بهذا الوصف .لبيان حذاقتهم و مهاراتهم الفائقة.و لا يزال الناس يقولون عن الحرفي الماهر ((شيطانا أو جانا) حتى اليوم.
يقول الله تعالى: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ{34} قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ{35} فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ{36} وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ{37} وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ{38} سورة ص.
فهؤلاء الشياطين كان منهم البناء, و منهم الغواص.
و هي مهن يقوم بها البشر.و لا شك أن البناء, يتطلب مهارات عالية.كما يتطلب متابعة صاحب المشروع.فهل نصدق من يدعي أن سليمان كان يجلس يراقب صعود البناء, و هو لا يرى البنائين؟.
ثم إليكم أيها الأعزاء ما ينسف تلك التفاسير الخرافية من أساسها.(( وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ{3Cool).
هنا تحل كل المعضلات التي استعصى فهمها على المفسرين السابقين رحمهم الله. إذ أن الشياطين الذين كانوا يعملون لسليمان, كانوا إذا تمردوا أو عصوه يقرنون في الأصفاد.
و هل يمكن تقرين و حبس كائن من الغيب؟.
لا شك أنهم كانت لهم أجساد مادية , يمكن إمساكها و تقرينها في الأصفاد .
فضلا على كون الأنبياء أبعد خلق الله على عصيانه.و تتبع خطوات الشياطين.
فهل سيملك الفكر التقليدي ردودا مقنعة بعد اليوم؟؟؟؟؟.
لا أظن.
و كل النور في القرآن لكن..يميل الهالكون إلى الدخان